الحنين وذكريات الطفولة
صفحة 1 من اصل 1
الحنين وذكريات الطفولة
تتعاقب الايام واعود اليك استحث الذاكرة فهناك الكثير من التفاصيل تتوالى
وتمر بشريط من الذكريات يكاد يكون كأنه الامس القريب , فقد ارتسمت
جميع التفاصيل ونقشت في ذاكرة طالما عاودها الحنين لتستعيد شيء من ما علق
بها ولكن الزمن فعل أفاعيله فها هي اطلال قريتي تلوح وانا اقترب منها بين شعورين
شعور بالحنين وشعور بالغربه فما عادت كما عهدتها مليئة بالحركة فقد هجرها الجميع
فبقيت جدرانها الطينية وابوابها الخشبيه تروي حكايات من كانوا هنا وكنت أحبهم
في زمن طفولة ماكنت أظن أنني ساغادرها يوما ً لكنها حركة الزمن والتاريخ
أقترب من اسوار بيتنا القديم وقد تهدم معظمه وانتصبت السواري والاعمدة الحجرية وابواب
خشبية مهترئة فقد عمل الزمان بها ما عمل .. فالاهمال يطال حتى الطين والخشب
بعوامل الحزن وكأنها تبكي زمن مضى وينشر المساء ردائة على ما حولي وماكان كالمساءات
السابقة حيث نجتمع في مجموعات لنلعب قبل ان يدركنا الظلام
أنه الآن مساء لا أصوات فيه ولا حركة صمت مطبق وابنية متهدمة تحيط بي الا من قليل منها
بقي منتصبا ً كشاهد على صراع قوي يدور هنا بين الماضي والحاضر
وعلى مسافة غير بعيدة بدأت انوار المنازل الحديثة تضيء حيث بنيت على مقربة منها
لكنها منفصلة تماما عنها فكأنه كان رحيل واقتلاع كامل ترك كل ما كان وبدأ أقامة منازل حديثة
نوعا ما وكأني بجدران هذه القرية تتطلع اليها وهي تقول كان أبائهم هنا واجدادهم
هاهي القلاع والقصور مازالت تحيط مربع القرية في زمن الخوف كانت متاريس حماية
وصارت ملجأ للطيور وقد تساقط معظمها
ادير نظري في منزلنا القديم واتذكر جدتي رحمها الله وهي تقول تعالوا ( اسبحن )عليكم
وهي تعني ساروي لكم حكاية وكانت أحجيتها المكررة نسمعها ونستلذ بسماعها فهي تغير
طفيفا ً في النص ولا تمل تكرارها لنا , آه كم من الحنين يتدفق في هذه اللحظات الى تلك اللمة البسيطة
حول سراج كأنه من أفراد الاسرة فقد عايشهم أمد طويل وتمر اللحظات ويخيم ظلام الليل فأنسل من مكاني
فما عاد الليل هنا كما كان فهو غريب علي أو أني غريب عليه
وانظر نظرة أخيره فربما لا اعود الا بعد زمن لألقي التحية الى كل شيء هنا أعرفه ويعرفني
وفي النهاية .. لا أجد من الكلمات ما يقال الا وداعا ً بدمعة أبت الا ان تنحدر وكوني وحيدا ً
والليل ارخى سدوله سمحت لها بالنزول في نفس المكان الذي تركت قريتي فيها صغيرا
وانا ابكي فراقها وكأنه تجديد ولاء وانصرفت مبتعدا ً وغابت عني اطلالها في ظلمة الليل
وما ازال انتظر يوما ما حين أعود لألقي عليها التحية واودعها بدمعة آخرى فساظل
احتاج الى هذا الانتماء لحضنها الذي احتضن طفولتي وعلمني أن الامكنة تبقى عالقة
في اذهاننا طوال الزمان .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى